السيمفونية الغير مكتومة: كيف يمنح الشعر صوتًا لألبكم
العنوان نفسه، "استئصال الحنجرة"، يرمي القفاز. يهمس بمعنى النهاية، والصوت الذي صمت لألبد. لكن القصيدة تنفجر

تخيّل أن تفقد األداة التي تغني بها روحك، وتروي قصصك، وتتواصل مع العالم. قصيدة رافائيل كامبو، “استئصال الحنجرة”،
ترسم صورة حية لهذا الفقد، لكنها ليست لوحة صامتة. إنها سمفونية تحد ٍ للمُهمَشين، وشهادةعلى الروح األبية التي تجد
صوتها حتى عندما يحاول العالم المادي انتزاعه.

العنوان نفسه، “استئصال الحنجرة”، يرمي القفاز. يهمس بمعنى النهاية، والصوت الذي صمت لألبد. لكن القصيدة تنفجر
تحديًا. إنها “تطن وتجيب وتقهقه”، مما يثبت أن “األداة التي غنيت بها” ال تكمن فياللحم والعظام، بل في جوهر الشاعر ذاته.
يضفر كامبو ببراعة ذكريات صوته المفقود، ليس بالبكاء، ولكن بالصور النابضة بالحياة. يعيد إحياء “كلماته النشطة
والمتنوعة”، وينفخ فيها الحياة بدون حبال صوتية. يستحضر أشباح اهتزاز إثيل ميرمان النحاسي، وحتى تلعثم فلورنس فوستر
جينكينز، ويجد صدى لحنه المفقود في أكثر األماكن غير المتوقعة.
لكن القصيدة تصر على أن الصوت أكثر من مجرد صوت. إنه رقص الكلمات النابض بالحياة، واللسعة المرحة للسخرية،
والشرر المعدي للفكاهة. إنه الجسر بين المتحدث والمستمع، رحلة مشتركة عبر عالم الشاعر مبنيةعلى كل تحول للعبارة،
وكل تطور في القافية.
واألهم من ذلك، أن الصوت هو صرخة حرب، إعالن متحد ٍ للذات. إنها الروح األبية التي ترفض الصمت، والتي تتجاوز ليس
فقط قيود الجسد، بل الموت نفسه. “أنا هنا”، تعلن القصيدة، “أقول لك هذا”. إنها شهادة على قوة الشعر، تذكير بأنه حتى عندما
يحاول العالم سرقة صوتنا، ال يزال بإمكاننا الغناء.
“استئصال الحنجرة” أكثر من مجرد قصيدة عن فقدان الصوت. إنها احتفال بمرونة الروح اإلنسانية، وقدرتها على إيجاد
طرق جديدة للتعبير عن نفسها، واالتصال، والشفاء. إنه تذكير بأنه حتى في مواجهة الصمت، هناكدائمًا لحن ينتظر أن يُغنى،
وقصة تنتظر أن تُروى. وفي بعض األحيان، تكون أقوى األصوات هي تلك التي تنهض من رماد المحنة، تغني سمفونية من
األمل والتحدي التي تتردد طويال ً بعد رحيل الجسد المادي.
المصادر:
https://jamanetwork.com/journals/jama/fullarticle/2814128