تقنية الملابس الذكية: ثورة في تشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية
ثورة في تشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية


تخيل معي عالماً ترتدي فيه ساعةً تقرأ ضغط دمك، وحزاماً يقيس نبض قلبك، وقميصاً يرصد نشاطك اليومي، كل هذا وأنت تمارس حياتك بشكل طبيعي! هذا هو واقع تقنية الملابس الذكية التي تُحدث تحولاً جذرياً في مجال تشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية.
أدوات صغيرة، إمكانيات هائلة
تتوفر اليوم مجموعة واسعة من الأجهزة القابلة للارتداء، من الساعات الذكية والأطواق الرياضية إلى القمصان المزودة بمستشعرات دقيقة. تقيس هذه الأدوات مؤشرات صحية حيوية مثل معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ومستوى النشاط البدني، وأنماط النوم.
كيف تساعدنا هذه التقنية؟
رصد الأعراض: لم تعد آلام الصدر وضيق التنفس مجرد شكاوى شفوية، بل يمكن الآن ربطها بمستوى النشاط البدني لتوفر صورة أوضح للحالة الصحية.
مراقبة الحركة: تقيس الأجهزة بدقة مستوى نشاطك اليومي، مما يسمح لأطباء القلب بتخصيص برامج تمارين مناسبة لك وتتبع استجابتك للعلاج.
متابعة ضربات القلب: توفر تقنية القياس الضوئي الكهربائي ومخطط كهربائية القلب (ECG) المتوفرة في الساعات الذكية مراقبة مستمرة لنبض قلبك، مما يساعد في الكشف عن اضطرابات النظم القلبي مثل الرجفان الأذيني.
قياس ضغط الدم بسهولة: تتيح أجهزة قياس ضغط الدم المعصمية إمكانية إجراء قياسات دقيقة في المنزل، وتوفر بيانات قيمة للأطباء، لكنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من التحقق الطبي.
الكشف المبكر عن الرجفان الأذيني: أثبتت الساعات الذكية المزودة بمستشعرات ضوئية كهربائية وتقنية ECG قدرتها على اكتشاف الرجفان الأذيني بدقة عالية.
إدارة قصور القلب: يساعد رصد النشاط البدني في تقييم مستوى النشاط لدى مرضى قصور القلب والتنبؤ باحتمالية دخولهم المستشفى.
تحفيز مرضى أمراض القلب التاجية: يمكن للأجهزة القابلة للارتداء أن تشجع مرضى متلازمة الشريان التاجي الحاد (ACS) على زيادة نشاطهم البدني بعد إجراءات فتح الشرايين.
متابعة مرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي: يساعد رصد النشاط البدني في تتبع تطور مرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي وتقييم استجابة المريض للعلاج.
مستقبل واعد
النمذجة الحاسوبية: يمكن تحليل البيانات الواردة من مختلف الأجهزة لإنشاء نماذج حاسوبية تتنبأ بتطور المرض وتساعد في تقديم علاج شخصي لكل مريض.
التوأم الرقمي: سيصبح من الممكن تطوير نماذج صحية خاصة بكل مريض تتطور مع مرور الوقت، تتيح للأطباء التنبؤ بالنتائج الصحية.
الطب عن بعد: يمكن ربط تقنية الملابس الذكية بالطب عن بعد لمراقبة المرضى عن بُعد وتقديم رعاية صحية أفضل في المجتمعات المحلية.
تحديات يجب تخطيها
دعم الأبحاث: نحتاج إلى المزيد من الأبحاث لتأكيد الفوائد الطبية لاستخدام بيانات الأجهزة القابلة للارتداء في اتخاذ القرارات العلاجية.
إعداد الأطباء: يجب تدريب الأطباء على تحليل بيانات الأجهزة ودمجها في ممارساتهم الطبية.
الأنظمة القانونية: يتطلب تطور مجال الرعاية الصحية الرقمية إطاراً قانونياً مناسباً يضمن سلامة المرضى.
ثقة الجمهور: من الضروري تعزيز ثقة الجمهور بهذه التقنية وضمان وصولها بشكل عادل لجميع أفراد المجتمع.
باختصار، تتمتع تقنية الملابس الذكية بإمكانيات هائلة لتحسين رعاية أمراض القلب والأوعية الدموية من خلال المراقبة المستمرة، والعلاج الشخصي، وإدارة المرضى عن بعد.
المصادر:
https://www.thelancet.com/journals/landig/article/PIIS2589-7500(23)00087-0/fulltext