مقالات

بستان الحياة: حكمة “كفى” في الطب أو بمعني اخر .. متي تعني كفي انه حقا كفي ؟

حكمة "كفى"

تخيل طفولة عانقتها حدائق غناء، طماطمها تتدلى كالكنوز، وكوساها تتأرجح على عروشات متينة. لم تكن مجرد بستان، بل كانت درسًا في الغزارة، حيث تتحكم دورات الطبيعة في إيقاع الحياة. لكن تحت سطح التربة الخصبة، تبرعم حقيقة أعمق: معرفة متى كفي تعني كفاية!

هذا الفهم، الذي ترعرع في تربة الطفولة الخصبة، يصبح استعارة مؤثرة للطبيب الشاب في هذه المقالة. إذ يخطو إلى عالم الأورام القاسي، ليواجه سؤالًا صارخًا: كم يكفي عندما يتعلق الأمر بإنقاذ الأرواح؟

يصبح قسم أبقراط، الذي تلي بصوت شبابي متحمس، شعارًا للسعي الدؤوب. ومع ذلك، ترسم حقائق الجناح صورة مختلفة. مريضة، منهكة من سنوات من محاربة السرطان، تتوق إلى حياة أبسط، بعيدًا عن حدود المستشفى المعقمة. جسدها المتعب يتوسل للراحة، لا لجولة أخرى من العلاجات العبثية.

يلفت هذا المأزق انتباهنا إلى حكمة البستان الصامتة. الطبيب، مثل البستاني، يجب أن يزرع توازناً دقيقاً. تتصادم الرغبة في الشفاء ومقاومة ما لا مفر منه مع إدراك أنه في بعض الأحيان، فإن أصدق فعل للشفاء هو التخلي.

تكشف المقالة ببراعة الجانب المظلم لعقلية “إنقاذ الجميع” في المجال الطبي. إن الضغط على القتال، واستخدام كل سلاح في الترسانة، يمكن أن يعمينا عن إنسانية المريض، وحقه في اختيار الراحة فوق المعارك العبثية.

لا يتعلق الأمر بالتخلي عن القسم، بل بإعادة تفسيره لواقع مليء بالتفاصيل الدقيقة. إنه يتعلق بتذكر درس البستان: في بعض الأحيان، يمكن للوفرة أن تخنق، وأن التخلي هو فعل الرعاية النهائي.

تختتم المقالة بصورة قوية – البستان تفكك، وحل محله العشب العاري. إنه تذكير صارخ بتكلفة النمو

الجامح، ودعوة للتوازن في مواجهة هشاشة الإنسان.

هذه أكثر من مجرد مقالة طبية؛ إنها دعوة إلى التعاطف، وتذكير بأن المعيار الحقيقي للطبيب ليس عدد الأرواح التي تم إنقاذها، بل الحكمة التي يعرف بها متى يكفي ما يكفي. إنها دعوة لممارسة طبية تكرم كلًا من علم الشفاء وفن التخلي.

في النهاية، رحلة الطبيب هي رحلتنا أيضًا. نحن، مثل الطبيب، يجب أن نتنقل عبر تعقيدات الحياة والموت، والأمل والقبول. وربما، من خلال تذكر درس البستان، يمكننا جميعًا أن نتعلم إيجاد التوازن الدقيق بين القتال من أجل الحياة واحترام تدفقها الطبيعي.

المصادر:

https://jamanetwork.com/journals/jama/fullarticle/2814575

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى