مقالات

المراهقون والتكنولوجيا: الموازنة بين تصفح السوشيال ميدياوالصحة النفسية

المراهقون والتكنولوجيا

السوشيال ميديا.. سلاح ذو حدين في عصرنا الرقمي. بالنسبة للمراهقين، إنها رفيقة دائمة، بوابة للتواصل والإبداع والمجتمع. لكن خلف تلك الإطلالات المصنّعة والصور المفلترة، يتربص ظل محتمل: تأثيرها على الصحة النفسية.

ألقى تقرير حديث من الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب نظرة متوازنة على هذا الموضوع. فبينما يقر بالفوائد الواضحة للسوشيال ميديا، يرفع أيضًا راية تحذير، ويحث على تطوير معايير صناعية لحماية الصحة النفسية للمراهقين.

يعكس التقرير مخاوفًا عبر عنها جراح عام الولايات المتحدة، فيفيك مورثي، والذي حذر من علاقة مقلقة بين زيادة استخدام الهواتف الذكية وتراجع الصحة النفسية بين الشباب. هذا ليس مجرد حدس – تشير الأبحاث إلى الآثار الضارة للسوشيال ميديا، من المقارنات الاجتماعية غير الصحية التي تغذي مشاكل صورة الجسد إلى المضايقات الإلكترونية والتنمر عبر الإنترنت. كما يمكن أن يعطل صوت الإشعارات المتواصل النوم وفواصل الانتباه، مما يعيق النجاح الأكاديمي والرفاهية العاطفية.

إذن، ما الذي يمكن فعله؟

يقترح التقرير نهجًا متعدد الجوانب:

معايير صناعة المحتوي: تخيلوا منصات سوشيال ميديا مصممة مع وضع الصحة النفسية في الاعتبار. يمكن تعديل الخوارزميات لتقليل المحتوى الضار، بينما يمكن تعزيز ميزات مثل الإبلاغ وإدارة المحتوى. ويمكن لمنظمة التقييس الدولية حتى وضع معايير عالمية لتصميم المنصات واستخدام البيانات.

تعليم محو الأمية الإعلامية: تزويد المراهقين بالمهارات التفكيرية النقدية للتنقل في العالم الرقمي أمر ضروري. تخيلوا فصولًا دراسية يتعلم فيها الطلاب التمييز بين الحقيقة والخيال، وتحديد التكتيكات التلاعبية، وتنمية عادات الإنترنت الصحية.

التدريب المهني: يحتاج الأطباء والممرضات وغيرهم من الأطباء إلى أن يكونوا مجهزين لفهم ومعالجة التحديات الفريدة للسوشيال ميديا في مرضاهم الصغار. تخيلوا أطباء الأطفال يوجهون الآباء بثقة من خلال حدود وقت الشاشة المناسبة للعمر، والأطباء يستخدمون بسهولة أدوات لتقييم عادات الوسائط.

استثمار البحث: نحتاج إلى فهم أعمق للعلاقة المعقدة بين السوشيال ميديا والصحة النفسية للمراهقين. تخيلوا دراسات طولية صارمة وأدوات معتمدة لقياس تعرض ميزات المنصات، وكلها تهدف إلى تحديد مجالات محددة للتدخل.

ولكن الأمر ليس كله قاتم. السوشيال ميديا ليست بالضرورة سيئة. يمكنها تعزيز العلاقات وبناء المجتمعات وتقديم الدعم للمجموعات المهمشة .

المفتاح يكمن في إيجاد التوازن. نحتاج إلى خلق بيئة إلكترونية أكثر أمانًا مع تنمية محو الأمية الإعلامية واستخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول. إنها مسؤولية جماعية تقع على عاتق عمالقة التكنولوجيا، والمعلمين، والمهنيين الصحيين، وصناع السياسات، وحتى الآباء.

لذا، في المرة القادمة التي ترى فيها مراهقًا ملتصقًا بهاتفه، تذكر أنه لا يحدق فقط في شاشة. إنه بوابة إلى عالم مليء بالإمكانيات والمحفوف بالمخاطر. لنعمل معًا لضمان أن يكون هذا العالم عالمًا يعزز صحتهم النفسية ويمكّنهم من الازدهار في العصر الرقمي.

المصادر:

https://jamanetwork.com/journals/jama/fullarticle/2814385

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى